بعد سنواتٍ من الحصار الاقتصادي.. كيف سيؤثر إلغاء “قيصر” على مستقبل سوريا؟


احتفى السوريون اليوم بمشروع إلغاء قانون قيصر، وذلك بعد موافقة غالبية مجلس النواب الأمريكي لتمريره إلى مجلس الشيوخ وإجراء بعض التعديلات عليه، حيث بدأت الخطوات الأولى منذ زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية في أيار الماضي، ستنتهي بتوقيعه عليه بشكلٍ نهائي وإقراره، وذلك بعد التصويت عليه من قبل مجلس الشيوخ ورفعه إلى مكتبه، فكيف سيؤثر إلغاء قانون قيصر على مستقبل الاقتصاد في سوريا؟

رئيس مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أكّد أنّ إلغاء قانون قيصر يمثل حدثاً اقتصادياً بارزاً سيسهم في إعادة بناء الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أنّ العقوبات السابقة أدت إلى تحدياتٍ كبيرة، منها تقييد القنوات المصرفية الدولية وارتفاع تكاليف التحويلات؛ مما أثر سلباً على قدرة المصرف المركزي في أداء مهامه بشكل كامل، وزادت من صعوبة إدارة السياسة النقدية، خاصةً في تنظيم السيولة والحد من التقلبات الحادة في سوق الصرف، كما تسببت الضغوط التضخمية الناتجة عن اضطرابات التجارة وسلاسل الإمداد في تفاقم الأوضاع الاقتصادية.

وتوقع الحصرية فتح أبواب جديدة للتعاون المالي، بما في ذلك إعادة ربط النظام المصرفي السوري بالأسواق المالية العالمية، وزيادة تدفقات الاستثمارات وتسهيل حركة التجارة والمدفوعات، وكشف أنّ الاستراتيجية القادمة لمصرف سوريا المركزي ستركز على تعزيز إدارة السيولة، وتطبيق أدوات نقدية أكثر فعالية، بالإضافة إلى تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني وتعزيز الإطار الرقابي لتهيئة المصارف المحلية لاستئناف علاقاتها مع البنوك المراسلة، بهدف استيعاب التدفقات المالية الجديدة المحتملة.

من جهته، أكّد وزير السياحة السوري مازن الصالحاني أنّ إلغاء قانون قيصر يمثل خطوةً تاريخيةً تهدف إلى تصحيح مسار العدالة الدولية وفتح آفاق جديدة أمام الاقتصاد الوطني، وأشار إلى أنّ القطاع السياحي كان من أسرع القطاعات تعافياً بعد التحرير، حيث أظهر قدرةً كبيرةً على النهوض خلال العام الأول، وأضاف أنّ رفع القيود الخارجية سيتيح توسيع نطاق العمل لجذب الاستثمارات وتسهيل حركة الوفود السياحية؛ مما يعزز من وجود سوريا على خريطة السياحة الإقليمية والدولية.

وأوضح الصالحاني أنّ سوريا تسير بثقة نحو إعادة بناء قطاع سياحي قوي قادر على المنافسة، مؤكداً أنّ إزالة المعوقات أمام حركة الاستثمار والسياحة ستكون دعامةً أساسيةً في هذا الاتجاه، وأنّ أبواب سوريا ستظل مفتوحةً أمام جميع الراغبين بالمشاركة في مرحلة التعافي والنمو، مع الالتزام بمبادئ السيادة الوطنية والتنمية المستدامة.

وفي سياقٍ متصل، يرى خبراء اقتصاديون أنّ إلغاء قانون قيصر يمثل خطوةً استراتيجيةً تعيد “العصب الاقتصادي” إلى سوريا؛ مما يمهد الطريق لاستثماراتٍ خارجيةٍ كبيرةٍ كانت معطّلة بفعل القيود المالية والمصرفية، وتوقعوا أن تظهر الفوائد الاقتصادية بسرعةٍ على الشركات المستثمرة والمواطنين، حيث تتمتع اليد العاملة السورية بتكاليف تنافسيةٍ على المستوى العالمي؛ مما يزيد من فرص نجاح المشاريع الاستثمارية.

وتشمل الآثار الاقتصادية المتوقعة رفع القيود المفروضة على التعاملات المالية والمصرفية، وإعادة تنفيذ التحويلات البنكية الدولية المباشرة، وكذلك ربط البنوك والشركات السورية بالنظام المالي العالمي عبر منصة “سويفت”، إضافةً إلى انخفاض تكاليف استيراد المعدات والمواد الخام والسلع الأساسية، وفتح باب إعادة الإعمار أمام الشركات الأجنبية والاستثمارات الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *