بطاقة 150 ألف برميل.. مصفاة حمص بين التحديات التشغيلية وخطط التحديث الاستراتيجي

في مشهدٍ يعكس طبيعة التحولات في قطاع الطاقة السوري، أكّد المدير العام للشركة العامة لمصفاة حمص المهندس خالد محمد علي أنّ المصفاة ستواصل عملها ولن يتم إيقافها قبل الانتهاء من مشروع المصفاة الجديدة في منطقة الفرقلس ووضعها في الخدمة بشكل كامل.

المشروع الجديد المتوقع إنجازه خلال ثلاث إلى أربع سنوات، يتمتع بطاقة تصميمية تصل إلى 150 ألف برميل يومياً، إضافةً إلى إنشاء مجمع متكامل للمواد البتروكيماوية، ما يجعله خياراً اقتصادياً استراتيجياً يواكب أحدث تقنيات التكرير العالمية ويضمن استدامة تشغيلية طويلة الأمد.

المصفاة الحالية التي تأسست عام 1959 وتُعد من أقدم المنشآت النفطية في سوريا، تضم أربع وحدات إنتاجية تعتمد على التقطير الجوي، إلى جانب مشروع تطوير مادة النفتا لإنتاج بنزين عالي الأوكتان يلبي احتياجات السوق المحلية. ورغم استمرار بعض الوحدات في العمل، فإن أعمال الصيانة لا تزال جارية في وحدتين رئيسيتين، ما يرفع الطاقة التشغيلية الإجمالية إلى نحو 60–70 ألف برميل يومياً عند اكتمالها.

إلا أنّ التحديات التشغيلية تبقى حاضرة، حيث أشار مدير الإنتاج فراس علي إلى أنّ وحدات التقطير الجوي متوقفة حالياً باستثناء الوحدة 22 التي أُعيد تشغيلها بعد الصيانة، فيما تقترب الوحدة 10 من العودة للعمل خلال يومين، والوحدة 21 في المراحل النهائية من الصيانة.

وتتمثل أبرز العقبات في نقص قطع الغيار، وهو ما تسبب سابقاً في توقف متكرر لبعض الوحدات، لكن الكوادر الفنية تعمل على تجاوز هذه العقبات بالإمكانات والخبرات المتاحة، مع خطط لتوريد قطع جديدة لضمان استقرار تشغيلي أكبر.

من منظورٍ استراتيجي، يمثل مشروع الفرقلس الجديد خطوة محورية لإعادة هيكلة قطاع التكرير في سوريا، إذ يهدف إلى استبدال البنية التحتية المتهالكة بمصفاةٍ حديثةٍ قادرة على المنافسة إقليمياً.

المشروع لا يقتصر على زيادة الطاقة الإنتاجية فحسب، بل يسعى أيضاً إلى تعزيز القيمة المضافة عبر إنتاج مواد بتروكيماوية، ما يفتح الباب أمام فرص استثمارية جديدة ويعزز قدرة البلاد على تلبية الطلب المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

جديرٌ بالذكر أنّ، إعلان الشركة السورية للبترول عن المشروع خلال معرض “سير بترو 7” يعكس إدراكاً متزايداً لأهمية تحديث البنية التحتية النفطية كجزء من استراتيجية أوسع لإعادة بناء الاقتصاد السوري. وبينما تواجه المصفاة الحالية ضغوطاً تشغيلية، فإن الرؤية المستقبلية تركز على التحول نحو نموذج أكثر كفاءة واستدامة، يضع سوريا على مسار جديد في صناعة النفط والبتروكيماويات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *